رواية مكتملة بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز


الحائط
انا معاك
صمتت لوهلة تسترد أنفاسها واستكانت تكفكف دمعاتها قائلة بعدم استيعاب
أنت
صحاب زي ما طلبتي مني ...
ليحمحم بحرج ويستأنف وهو يمسد جبهته بإبهامه وسبابته
واضح أن شغلي معاك هيقلب كل الموازين
لاحت بسمة باهتة حديثه بطريقة ما اوتار قلبها ليبتسم هو أيضا ويحثها بعينه أن تنهض معه وبالفعل انصاعت له ليجلسها على طرف المقعد الخلفي ولكن ظلت قدميها على الأرض ليجلس القرفصاء أمامها ويقول بنبرة هادئة يحاول بث السکينة بها

استهدي بالله كده...وحاولي تتنفسي وإن شاء الله هتبقي أحسن وكله هيبقى زي الفل
تعلقت عيناها الباكية به تود حقا ان تصدق أن كل شيء سيكون أفضل ليطمئنها هو بعينه ويطلب منها متوجسا
هجبلك ميا متتحركيش من مكانك
هزت رأسها بضعف وتتبعته بعيناها وهو يركض للمحل القريب يجلبها منه ثم بلمح البصر عاد لها و حثها أن تتناول القليل منها لكي تهدأ ولكن هي رفعت يدها المرتجفة تلتقطها منه ولكنها تراجعت
عندما وجدتها متسخة أثر تراب الأرض التي كانت تفترشها منذ قليل
ليتفهم هو ويهم بفتح الزجاجة ويقوم بجذب يدها و فركها برفق بين يده أثناء سكبه للمياه عليها وإن انتهى وجد ذاته دون وعي او ذرة تفكير وكأنه يتعامل مع ابنة شقيقته حين تبكي ويريد ان يراضيها فقد قام بإزاحة خصلاتها المتهدلة على وجهها بفوضوية يضعها خلف أذنها بحرص شديد كي يفسح المجال ليده التي سكب عليها القليل ايضا ان تمر على وجهها الملطخ بالدموع مرة وراء مرة ثم مد يده لها بعلبة المحارم الورقية ولكنها لم تنتبه فكانت تنظر له پضياع و شدوه تام مما يفعله حتى انها لم تعترض بل كانت مأخوذة بكل رد فعل يصدر منه تجاهها ورغم أن نظراته وحتى صوته الأجش يبدو صارم وجاد للغاية إلا أنه مغلف بالاهتمام الذي تفتقده بشدة
أما هو لا يعلم ما أصابه وجعله يضرب بكل قراراته السابقة عرض الحائط ربما كونها استرسلت معه بالحديث وشعر بمعاناتها وصدق حديثها وعندما ألتقط نظراتها الضائعة وجد ذاته يهيم بها وكأنه مغيب وسلبت منه كافة إرادته وشيء ما هناك بخافقه يخبره أن لا مفر من التورط بها قطع ذلك التواصل البصري الذي يشتته لحد كبير و
تحمحم يجلي صوته كي يصدر لين بعض الشيء وهو يزيح بنظراته بعيدا عنها
بقيتي احسن
حركت رأسها بضعف وتناولت المحارم من يده ببسمة باهتة بعدما استعادت ثباتها بعض الشيء ثم همست
عايزة اروح بعد أذنك
أومأ لها ونهض من جلسته بينما هي عدلت وضعية جلستها داخل السيارة واغلقت بابها ثم تكورت على ذاتها واغمضت عيناها كي تحفز ذاتها وتتغاضى عن إلحاح عقلها
إما هو انحنى يلتقط شيء ما من الأرض ودسه بجيبه خفية ثم جلس بموقعه خلف المقود وقبل أن يشرع بالقيادة كان ينظر من مرآته الأمامية وهو يلعن ذلك الشعور الغريب الذي يداهمه نحوها
كان في قمة سعادته وهو برفقتها ويرى حماسها وذلك الجانب الطفولي منها أثناء قيادة السيارة حتى انها على غير عادتها ألتزمت بكافة تعليماته بشأن توخي الحذر من الطريق و كانت مطيعة تستمع له دون اعتراض أو مجادلة وكم يعشق طاعتها وتلك البسمة الآسرة التي تزين ثغرها لتوها وهي تجلس بجانبه وتبادله النظرات من حين لآخر بطريقة غريبة لأول مرة تصدر منها ورغم غرابتها شعر ببصيص أمل يتسربل لداخله من تجاهها ولذلك كان ممتن لوالدته ولتلك النصيحة الغالية منها التي أتت نفع مع متمردتته بعد انتهائهم من تناول الطعام داخل المطعم الصغير الذي يملكه تنهد في عمق وسألها ببسمة هادئة وهو يشرأب برأسه باهتمام
الاكل عجبك
هزت رأسها وأجابت ببسمتها الآسرة التي تعبث بثباته
جدا...طعمه يجنن وكمان تناسق الطبق وطريقة تقديمه حلو يظهر أن الشيف ده متمكن وعنده خبرة كفاية
أبتسم وشرد لوهلة ببسمتها تلك ثم أخبرها بعفوية شديدة كأنهم زوجين حقا ويشاركها تفاصيل يومه
دي بنت جديدة بقالها كام يوم بس في الشغل وبصراحة فاجأتني رغم انها مشتغلتش في حتة قبل كده
وأدت بسمتها تدريجيا وهدرت بعدم رضا
ازاي يعني مشتغلتش في حتة قبل كده انت أزاي بتجازف كده بسمعة مطعمك وتشغل اي حد معندوش خبرة
تنهد من جديد وبرر لها
البنت كويسة وانت شهدتلها بده وهي كانت محتاجة شغل وانا متعودتش أرد حد محتاج مساعدة
كنت ممكن تساعدها بطريقة تانية غير انك تجازف
قالتها وهي تقلب عيناها وتستند أكثر على ظهر مقعدها تطالع محيط المكان الخالي من الزبائن ولم يشغره غيرهم ليلفت نظرها تقدم امرأة ممشوقة القوام ذات ملامح هادئة وحجاب يزين رأسها وترتدي مريول مطبخ نقش عليه أسم مطعمه لتتقين أنها هي التي يعنيها فنظراتها نحوه تدل على امتنان عظيم ولكن ليس ذلك الغريب بالأمر بل عندما وجدته يتتبعها بنظرات هادئة مرحبة وقوله ما أن وقفت أمامه وحيتهم بمجاملة
اهلا يا رقية أخبارك إيه
أجابته رقية بإمتنان
تمام يا يامن بيه مش ناقصني حاجة والبركة في ربنا ثم حضرتك طبعا
أومأ لها دون أي تكلف وتساءل بعملية
طيب الحمد لله...
 

تم نسخ الرابط