رواية مكتملة بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز


لعزلتها من دونه فكانت تشعر بحزن لا مثيل له تبكي تارة وتارة أخرى تنعي حظ قلبها فقد خذلها أكثر شخص لم تتوقع منه ذلك وكيف تفعلها وهو مالك قلبها صاحب المواقف الرجولية الحاسمة التي شكلتها من جديد وأصلحت فسادها فحقا لا تستوعب إلى الأن كونه تخلى عنها بتلك السهولة وصرح بطريقة غير مباشرة انه لا يكن لها المشاعر فماذا عن نظراته الحانية التي كانت تفيض بلأهتمام وماذا عن مؤازرته لها في أشد أوقاتها وماذا عن أفعاله ونصحه واحتواءه وتحفيزه ومشاكسته الحثيثة لها 

حقا تشعر أنها على حافة الجنون من تناقضه وكم حاولت أن تجد تفسير لكل ذلك ولكن دون جدوى فكان صراع محتد يقام برأسها ولا تستطيع ردعه حين تعالى رنين هاتفها بنغمة تخصصها لرقمه وعندها كفكفت دمعاتها وهرولت بلهفة عارمة تتناول هاتفها وهمست بصوت مازال يحمل أثار البكاء
محمد...
أتاه الرد من الطرف الأخر مخالف لكل توقعاتها
أنا شهد يا ميرال أنا خليت طمطم تاخد منه التلفون بحجة اللعب علشان أكلمك وبصراحة أنا عندي علم باللي حصل بينكم 
أفتكرتك هو
هو حالته صعبة يا ميرال من ساعة ما مشيتي وهو قافل على نفسه ومش عايز يتكلم
هو ليه بيعمل فيا كده يا شهد أنا بحبه والله بحبه ومش هعرف اعيش من غيره
هقولك بس عايزاك توعديني بحاجة الأول... 
كانت تشعر بالتشتت والضياع في آن واحد فكيف لتلك القناعات والهواجس التي عششت بداخلها لسنوات أن تندثر بيوم وليلة وتدرك كونها جميعها بالية حقا الأمر يصعب عليها تصديقه او استيعابه دفعة واحدة فمن ناحية والدته التي لم تخدع ابيها كما اعتقدت وتزوجته برغبة من والدتها ومن جانب أخر علمها بمرض والدتها واستسلامها وكون كافة الخلافات التي كانت تدور بينها وبين أبيها جميعها كانت لأجل أن تخضع للعلاج وليس كما اعتقدت هي أما هو فقد أدركت كونها كانت تتحامل عليه هباء وتتجاهل مشاعره وعطائه ولا تقدر احتوائه لها في سبيل ذلك الأنتقام اللعېن الذي لامحل له من الصحة وكم لعنت ذاتها على غبائها فاليوم اقتلع كافة قناعاتها وأثبت لها دون قصد أنه لن يطمع بها ولا بأموالها بل أن أملاكها عبء ثقيل على كاهله.
كان ذلك ما يدور برأسها وهي تجلس بجواره تتأمل على مداد بصرها مياه البحر الهائجة التي تشابه ثورة دواخلها بينما هو كعادته احترم صمتها واراد أن يعطيها مساحتها الخاصة ولا يتطفل عليها فقط كان يجاورها يستمتع بتلك اللفحات الباردة التي تثلج قلبه المولع بها رغم كل شيء فنعم اندثر غضبه وحاول أن يتناسى كل ما مر به معها سابقا فوالدته أخبرته بدوافعها ورغم أنه كان يود أن يعاتبها بشأنها ولكنه فضل أن تبادر هي عندما تكون مستعدة لذلك وبالفعل توقعه كان بمحله حين همست هي
كنت عارف أن أمي هي اللي طلبت من مامتك تتجوز أبويا
تناول نفس عميق وأجابها
اه كنت عارف
لتعاتبه هي
وليه مقولتليش...
نظر لها وقال بنبرة رغم ثباتها ولكنها استشفت بها عتاب خفي
علشان عمري ما جه في بالي أن تفكيرك يوصل بيك لكده ولا كنت اتخيل انك تظني في أمي ظن سوء رغم كل اللي عملته علشانك
زاغت نظراتها ونكست رأسها وبررت وهي تشعر بالخزي من ذاتها
بس أنا مكنتش أعرف بمرض أمي ومكنتش اعرف بالتفاصيل دي كلها
لتغمض عيناها بقوة وتوضح دوافعها قائلة
أنا كل حاجة كانت مفروضة عليا وأولهم فراق أمي وسكوت ابويا حتى أنت كنت مفروض عليا علشان كده کرهت حياتي ونقمت عليها واتمردت عليكم 
لتتنهد بتثاقل وتضيف سبب خزيها مسبوق بدمعاتها
بس طلعت غبية وظلمتكم و عارفة انكم کرهتوني وعمركم ما هتسامحوني ابدا 
كانت تتحدث ومع كل كلمة دمعة حاړقة تهطل من عيناها وهي حقا ټلعن غباءها وټندم على كل افعالها المخزية بينما هو وقف مواجه لجلستها وكوب وجهها قائلا بنبرة حنونة متفهمة لأبعد حد
ششششش اهدي دموعك بتقتلني يا نادين...انسي وارمي اللي فات ورا ظهرك وافتحي صفحة جديدة مع نفسك وإذا كان على أمي هي بتحبك ومش زعلانة منك ومهما عملتي مش هتكرهك علشان محدش بيكره ولاده.
وأنت
اللي يحب ميعرفش يكره ومبيعرفش غير يسامح وقولتلك قبل كده أنت الروح لروحي يانادين و وجودك هو دليل حياتي
حانت منها بسمة مټألمة من بين دمعاتها وهي تشعر أن ذلك الحب الذي يفيض من عينه و يشع من حديثه هي ليست جديرة به ولا تستحقه بالمرة فيكفي أنها تذكرت ذلك اللعېن طارق وما أقدمت عليه في سبيل انتقامها وهواجسها الواهية لذلك همست بخزي من ذاتها وبنبرة مرتعشة واهنة يحفها الندم
بس انا مستهلش حبك...
انا مستهلش حاجة ابدا...يارتني مۏت مع أمي ولا كنت عملت كده فيك وفيا
بعد الشړ عليك إياك أسمعك تقولي كده تاني
نكست نظراتها ولم تستطيع مواجهته ولكنه باغتها صارما وهو يثبت رأسها لأعلى كي يرى عيناها بوضوح
بصيلي...وبطلي عياط أنت قوية وعمري ما هسمحلك تضعفي وانا جنبك...أنت مش وحشة ومش
 

تم نسخ الرابط